#ومضات_من_تاريخ_الدعوة_الحموية
الحلقة 7
نواصل مع شيء من ادب الطريقة الحموية
وشهادات العلماء في حق شيخنا حماه الله.
ان من أغرب كشوفات عباد الله الصالحين التي تحصل للكمل منهم، واصدقها و اوضحها ماحصل للولي الكامل والعلامة الصالح الشيخ أحمدو الصغير التيشيتي المتوفى 1272 للهجرة أي قبل ميلاد شيخنا حماه الله ب 28 سنة، حينما كاشفه بميلاد شيخنا أحمد حماه الله وعرفه على مقامه العظيم في واقعة روحانية ومشهد غيبي غالبا ما يحصل لأمثاله من اولياء الله ، فأنشأ اثر تلك الواقعة قصيدة يبشر فيها إخوانه بظهور من يسميه بالشيخ أحمد الأمي الذي حسب تعبيره يكفي عن الأشياخ في كل الفنون، ويعدهم فيها بأنه سوف يظهر للبصائر والعيون بعد أنقضاء ما تبقى من سنوات القرن الثاني عشر الهجري الذي كان أحمدوالصغير يعيش في خمسنيته الأخيرة”! والأغرب من ذلك أن القصيدة منذ أن قيلت ظلت في غياهب النسيان مختبئة بين صفحات الكتب ولم تتداول ولا تفشى خبرها عند أهل تيشيت إلا بعد أن ظهر شيخنا وجاءه أهل تيشيت مبايعين لينبئهم الشيخ بأن هناك قصيدة مع قطعة أخرى قيلت في نفس الغرض توجدان في رفوف مكتبة أهل أحمد الصغير بتيشيت ليتم البحث عنهما ويعثر عليهما كما وصف، وإذا بالشيخ أحمدو الصغير يقول في النونية منهما :
ألا ياأيها الناس اسمعوني***أفيدكم النصيحة أو دعوني.
تعالوا كي تروا شيخا يربي***بلحظ العين أرباب المجون.
ولم لا والنبي له بمرأى *** لدى كل التحرك والسكـــون
طبيب ماهر حبر خبير*** ﺑﻤـﺎ ﺗﺨـﻔﻲ ﺍﻟﻀﻤـﺎﺋـﺮ ﻣﻦ ﻇﻨـﻮﻥ
ﻭﻟﻴـﺲ ﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺷﻲﺀ ﺳـﻮﻯ مالـ***ﻚ ﺍﻟﻤـﻠﻚ ﺍﻟﻤﻬﻴـﻤـﻦ ﻣﻦ ﺭﻛـﻮﻥ.
تراه في الشهادة واهو غيب***ﺑﻐﻴﺐ ﺍﻟﻐﻴـﺐ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﺫﻭ ﻛﻤـﻮﻥ.
ﻓﻤﺒﻠـﻎ ﻋﻠﻤﻨـﺎ ﺍﻥ ﻟﻴـﺲ ﻳﻠﻔﻰ***ﻭﻟﻲ ﻣـﺜـﻠـﻪ ﻓﻲ ﺫﻱ ﺍﻟﻘــﺮﻭﻥ
طوى المولى بساط النفس عنه***ﺻﺒـﻴـﺎ ﺇﺫ ﻭﻗـﺎﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻠـﻌـﻴﻦ
ﻓﺼـﺎﺭ ﻣـﺪﺍﺱ ﻧﻌﻠﻴـﻪ ﻣﻘﺎﻣـﺎ*** ﻳـﻮﺩ ﺑﻠـﻮﻏـﻪ ﻧـﻈﺮ ﺍﻟـﻌـﻴــﻮﻥ
ﻟـﻪ ﻗﻠﺐ ﻟـﻪ ﺍﻟﻤﻠﻜـﻮﺕ ﺳﻜﻨﻰ*** ﻳﺰﻳـﺪ ﺗﻴﻘﻈـﺎ ﺑﻜـﺮﻯ ﺍﻟﺠـﻔـﻮﻥ
فشيعته لدى الهيجاء أسد***ﻭﺭﻫﺒـﺎﻥ ﺑـﻠﻴـــﻞ ﻗـﺎﻧـﺘـﻴــــﻦ
يفيض المال فيضا دون عد***ﻭﻳﺠـﺮﻱ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻛﺎﻟﻤـﺎﺀ ﺍﻟﻤـﻌـﻴﻦ
إلى أن يقول فيها :
إلم يبقى في الدنيا كتاب وﻻ***شيخ فلا تك بالحزيــــــن
فشيخك أحمد الأمي يكفي***عن الأشياخ في كل الفنون
إذا الخمسون من ذا القرن تمت***تبدى للبصائر والعيون
ولست مجادلا كلا ولكن*** أبشر إخوتي لا يكذبونـــــي
فليس من ءامنوا بالصبح ليلا***كقائل ما النهار بمستبين
إذا انتشر النهار فلا جميل***على التصديق بالضوء المبين.!!
الشيخ أحمدو الصغير كما يبدو كان على يقين وثقة تامة مما يتحدث عنه، وهو لا يتحدث من باب الجدال ولا المراء وإنما هي بشارة يزفها لإخوانه عساهم يصدقون بظهور هذا الشيخ ويتبعونه حتى لا يحرموا من بركاته وهديه.
ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أقتدي بالشيخ أحمد الصغير فاقول للذي يستشكل مثل هذه الإخبارات والخوارق أو يكذب بكرامات الأولياء وكشوفاتهم إني لست مجادلا وﻻ في معرض النقاش حول إمكانية حصول الكشف والإخبار بالمغيبات لبعض عباد الله الصالحين كرامة لهم مع الذين ينكرنها، لكون المسألة مما هو معلوم عند العلماء من أنه يدخل في باب كرامات الأولياء وبشاراتهم الثابتة بالكتاب والسنة، وإنما فقط لألفت إلى أن شيخنا حماه الله شهد بفضله وولايته وعلو شأنه العام والخاص والعدو والصديق والعالم والجاهل وحتى من تقدمه في الزمان بعشرات السنين كيف لا وهاهو يترا أى للشيخ أحمد الصغير من عالم الغيب ليخاطبه الأخير بقوله ضمن القطعة الأخرى :
ياقطب الأقطاب يامن في كفالته*** كل المربين أردفني على الكفل.!!
ثم يأتي بعد الشيخ أحمدو الصغير رضي الله عنه، علماء وصلحاء كبار إلى حضرة شيخنا حماه الله لمبايعته وللإدلاء بشهادتهم في حقه، مثل العلامة الجليل محمد المختار ولد انبال التيشيتي (دباي) وابنه العلامة الجليل أمحمد ولد محمد المختار عليهما رضوان الله وناهيك بهما من شاهدي عدل، حيث يقول الشيخ محمد المختار مادحا :
إن الخلافة حققت أخبارها***وتشعشعت للمهتدي أنوارهــــــا.
وتزينت بإمامها واستكملت***أوصافها ولقد بدت أسرارهــــــا.
فأتته طائعة بمحض عناية***سبقت له وقد اطمأنت دارهـــــــا.
لما أتاها كفؤها قطب الورى***حامي الحمى وبه أزيل خمارها.
فغدى يواطؤ سنة الموروث في***أخلاقه وله استبان نهارهـــا.
وكذاك في أقواله وفعاله***وبسيره قد سار حتى غارهــــــــــــا.
وله في اخرى بعد مدح رائق :
والله والله العظيم ومن بنا***سبع الطباق على الحضيض السافل
ما قلت قولا كاذبا لكنني***قصرت فيه ولست بالمتساهـــــــــل
فلربما كان السكوت بلاغة***ويكون لغوا بسط قيل القائـــــــل
قل ما تشا بمديحه جهرا سوى***ما قال قوم في المسيح الفاضل
الله يحفظ شيخنا ويعيذه ***من كل شر من عدو صــــــــــائل.”
ويقول ابنه المرحوم مضرب المثل في الورع شيخنا أمحمد ولد محمد المختارولد انباله (اللال) وهو إذ ذاك شابا صحبة والده في قصيدته الإعتذارية الرائعة :
أحن وما حنيني من بعاد***منازل فرتناي وﻻ سعاد
ولا ذكرى التصابي لأيام***ولا برق بعيد النوم بــــــــــاد
ولكني أحن لذكر شيخي*** وبغية مهجتي ومنى فـــــــؤاد
قضى قاضي هواه على جفوني*** بإسبال المدامع والسهاد
احن إلى لقاه وفي ضلوعي*** جهنم شوقه ذات اتقــــــاد
ألا يالهف مضنى القلب يهذي***بذكر ملاذه في كل نــــــــاد
يبيت مؤرق الأجفان شوقا***إلى ندب فتى جم الرمـــــاد
لكل الناس لاح سنى علاه***وفاح شذاه في يوم الــــــولاد
مزايا الشيخ كالأمثال سارت***وطارت في الحواضر والبوادي
أيا شيخ الهدى من هو هاد***ومهد للعباد وللتــــــــلاد
ويا من تزود خير زاد *** ويــــــــا زاد الملم بغيـــــــــر زاد
ويا من ذو الثناء عليه ءات***لكل الناس بالقول المــــعاد
لتعف كما عفا عن ذنب كعب***أبوك المصطفى خير العبــــاد
وﻻتحكم بما قد قيل عنا***فما فينا سوى محض الــــوداد
وما شئتم فظنوا غير أنا***ذوو نقد عليكم أو عنــــــــاد
وانا تائبون وتابعوكم *** ولوسرتم إلى برك الغمـــــــاد”
وقد استدرجني احد المعترضين الذين ينكرون ان الولي قد يطلعه الله على بعض المغيبات فكتبت ردا عليه :
السيد “باب علي” يبدو أنك تريد ان تقحمنا في جدال لانحبه فلا تنسى أني قلت في المنشور إن الجدال في هذه المسألة لا يروق لي فأنت لا تخلو من أن تكون من الذين يصدقون بكرامات الأولياء الثابتة بالكتاب والسنة،أو لا تصدق بها فإن كنت الأول فلتعلم بأن الإطلاع على بعض المغيبات ممكن ويجوز شرعا وعقلا لمن يخصه الله به من أولياءه، وقد صح عن بعض سادتنا الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يخبرون عن بعض المغيبات ومن ذلك ان سيدنا أبابكر رضي الله عنه ذكر لإبنه وهو على فراش الموت أن ما في بطن زوجته بنت انثى، ومثل ذلك حصل لسادتنا عمر مثل قوله وهو يخطب على المنبر بالمدينة مخاطبا قائد المجاهدين “ياسارية الجبل) وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين، ويضيق الوقت عن ذكر ما كان يحصل لبعضهم من الكشفات . ونحن نعتقد بأن الغيب من حيث هو نسبي، وعلى مراتب، ففيه الغيب المطلق بالنسبة لعلم الله تعالى. وهو الذي تشير إليه الآية الكريمة (قل ﻻيعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله) والآية (وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو) والغيب المقيد بالنسبة لعلمنا المحدود والمقيد نحن البشر ، وهذا الغيب هو ما تعنيه الآية التي اعترضت بها (عالم العيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) وكذلك الآية (وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء) فأنت فيما يبدو جئت بآية سورة الجن دون أن تفهم أن فيها استثناء يفيد بان الرسل والأنبياء قد يطلعهم الله على بعض المغيبات عن طريق الوحي، فكانت الآية حجة عليك، وكذلك الأولياء المتقون المرضيون عند الله قد يطلعهم الله على بعض المغيبات عن طريق الإلهام، والحديث الصحيح يصرح بأن العبد الذي أحبه الله يكون سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به على المعنى الذي يليق بالله سبحانه وتعالى، وكل هذا له ما يعضده من الكتاب والسنة، فبالنسبة للأنبياء يسمى ذلك معجرة في حقهم. وبالنسبة للأولياء يسمى كرامة، أما الذين ذكرتهم من كهنة النمرود واشباههم مشبها أولياء الله بهم فان ذلك سوء أدب مع أولياء الله، وجهل منك بحقيقة الفرق بين الكاهن والولي، لأن اطلاع الكهنة والسحرة على بعض المغيبات إنما يحصل لهمةعلى سبيل الإستدراج ويتلقونه عن طريق سدنتهم من شياطين الجن، وشتان مابين اولياء الرحمن وأولياء الشيطان. وكان الأولى بك ان تعتبر ما حصل للشيخ أحمد الصغير من المكاشفة هو من جنس الكرامة والمبشرات التي تحصل للأولياء لكونه بشر بظهور ولي من أو لياء الله كما بشر سيدنا عيسى عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم مع الفارق طبعا بين المبشرين والمبشر بهم. والله ولي التوفيق.
يتبع……….