موريتانيا والبنك الإسلامي للتنمية قراءة في تقرير الشراكة الإستراتيجية: MCPS 2011 – 2015
الحلقة : (1)
الإمام ولد محمد محمود
في إطار استراتيجيته الجديدة لتطوير وتحديث برامجه الاقتصادية والتنموية قام البنك الإسلامي للتنمية بإطلاق استراتيجيته الجديدة التي يطلق عليها (Member Country Partnership Strategy) .
تم إختيار موريتانيا لتكون ضمن المجموعة المستفيدة من هذا البرنامج نتيجة الصعوبة التي تواجها الدولة في عملية التنمية الاقتصادية ونتيجة ظروف الأزمة الإقتصادية الخارجية والأزمات السياسية الداخلية الناجمة عن الانقلابات العسكرية.
التحضير لهذا البرنامج شمل مشاورات مكثفة مع الحكومة الموريتانية والشركاء الاقتصاديين إضافة إلي هيئات المجتمع المدني.
قامت استراتيجية البنك الجديدة بتثبيت برنامج مكافحة الفقر المعروف بـــPoverty Reduction Strategy Paper III مابين 2011 – 2015 وكان الهدف هو تسريع وتيرة نمو الاقتصاد من معدل نمو 3.8% للفترة السابقة من 2006-2010 إلى 5.5% وتقليص معدل الفقر من 42% سنة 2008 إلى 25% 2015 الذي انخفض فقط بنسبة 6% خلال الخمس سنوات الماضية.
معدل وفيات الولادة لا يزال عند مستوى مقلق والأهداف التنموية في هذا المجال تشكل تحد كبير للسلطات الموريتانية.
أهم العوامل المساهمة في النمو الاقتصادي تحت سياسة PRSP III هو قطاع الخدمات الذي من المتوقع أن يسهم بنصف نسبة النمو المتوقعة. ويحتل قطاع المعادن المركز الثاني حيث يساهم بنسبة 31% في الدخل القومي.
ومن المتوقع أن تسهم المشاريع الخاصة في كلا القطاعين في تحقيق معدل النمو المستهدف خاصة المشاريع المتوسطة الدخل.
يرى التقرير أن ضعف البنية الاقتصادية بشكل عام يشكل تحد كبير لعملية التنمية وبخاصة القطاع المصرفي حيث هناك حاجة ماسة لتحسين وضعية النظام المصرفي الهش وترقيته بحيث يمكن الاستفادة من القروض والتمويلات. كما يجب إزالة الغموض حول الإطار القاوني المتعلق بملكية الأرض .
كذلك من التحديات الهيكلية العميقة التي تواجها الدولة ضعف البنية التحية خاصة منها المتعلق بالمواصلات والطاقة.
تقرير MCPS بدأ بدراسة أسباب الفقر المزمن السائد في موريتانيا رغم الموارد الطبيعية الضخمة التي تمتلكها البلاد مثل : احتياطيات الحديد ، الذهب ، النحاس ، الثروة السمكية ، والنفط.
جميع الأدلة تشير إلى أن موريتانيا تتميز بهيكل اقتصادي مزدوج هو الفريد من نوعه ضمن مجموعة دول الساحل الإفرقي حيث يوجد :
– اقتصاد الكفاف : ويعتمد عليه ثلثي سكان البلاد ويشمل : المحاصيل الزراعية ، الثروة الحيوانية ، الصيد التقليدي .
– الموارد الطبيعية (المعادن) : ويعتمد هذا القطاع على استخراج الثروات الطبيعية (الحديد، الذهب، النحاس، الثروة السمكية) .
يشير التقرير إلى أن العلاقة بين هذه القطاعات الاقتصادية ضعيفة جدا ، فخلال السنوات الماضية شكلت مدخلات قطاع المعادن، قطاع الصيد إضافة إلى الإعانات الخارجية أهم مصدر للدخل القومي.
فيما ظل قطاع الزراعة والتنمية الحيوانية -المصدر الأساسي لدخل ثلثي السكان- ضعيفا ومهملا من طرف الحكومة. أما قطاع الصناعة فلا يزال في الحضيض وغياهب النسيان.
نتيجة لمحدودية المواد الخام المصدرة و كثافة رأس المال المستخدم في عمليات الإستخراج فإن الطلب على العمالة في هذا القطاع الكبير يبدو محدودا إن لم يكن لا يستحق الذكر.
وهكذا يبدو الاقتصاد محاصرا برزمة من المشاكل كان من أهم نتائجها انتشار الفقر المدقع وضعف النمو الاقتصادي للدولة الذي فاقمته الأزمات المالية الدولية و الأزمات الداخلية متمثلة في الجفاف.
نتيجة لهذه الصعوبات بدأت موريتانيا بزراعة الأرز في المناطق المروية وبمساعدة الممولين الأجانب وبعد 12 سنة من انطلاق هذا المشروع لا تزال النتائج دون المستوى المطلوب.
يرى الخبراء أن الإقتصاد الموريتاني ربما ما يعاني من مرض Dutch Disease حيث إرتفاع وتطور في قطاع الموارد الطبيعية مع انخفاض وضمور في القطاع الصناعي أو الزراعي.
في هذا الإطار تشير التجارب العالمية إلى أن الحكم الرشيد في إدارة ريع الموارد الطبيعية هو أهم لبنة في عملية التنمية الاقتصادية جنبا إلى جنب مع التنمية البشرية وتوزيع الموارد على مختلف القطاعات توزيعا أمثل يأخذ في الاعتبار ظروف كل قطاع وأهميته.
من أجل مساعدة الحكومة الموريتانية في مواجهة التحديات التي ذكرنا سابقا ، فإن استراتيجية MCPS تقوم علي ثلاث ركائز أساسية تمت تحديدها بناء على معطيات لجنة البنك الإسلامي للتنمية وبموافقة الحكومة الموريتانية وشركائها في التنمية، وتبلغ التغطية المالية لهذا المشروع 700 مليون دولار أمريكي.
الركائز الأساسية لمشروع MCPS الخاص بموريتانيا هي:
– تعزيز التنمية البشرية من خلال دعم قطاع الصحة
– دعم الأمن الغذائي في المناطق الريفية
– تعزيز وتنويع الإقتصاد الحديث