موريتانيا والبنك الإسلامي للتنمية قراءة في تقرير الشراكة الإستراتيجية: MCPS 2011 – 2015
الحلقة (2)
الإمام ولد محمد محمود
التحديات التي تواجه الاقتصاد الموريتاني:
حسب تقرير البنك الإسلامي للتنمية MCPS 2011-2015 فإن مدخلات قطاع المعادن والصيد البحري والإعانات الخارجية ظلت هي المحرك الأساسي للاقتصاد الموريتاني خلال العشريات الماضية. فيما ظلت مساهمة قطاع الزراعة وقطاع الصناعة في الدخل القومي محدودة جدا.
في الفترة ما بين 1990 – 2008 كانت مساهمة القطاع الزراعي في الدخل القومي تتراوح ما بين 3 – 5 % بينما وصلت مساهمة القطاع الصناعي 7% وقد انخفضت هذه النسبة لتصل إلى 5% سنة 2008.
خلال نفس الفترة أسهم قطاع المعادن بنسبة 48% من الدخل القومي فيما ظل قطاع الخدمات يشهد تضخما كبيرا نتيجة إرتفاع نسبة البطالة وضعف إستقطاب العمالة في القطاعات الأخري. حيث وصلت مساهمة القطاع الخدمي في الدخل القومي 42% سنة 2008 .
في سنة 2009 وصل إجمالي الدخل القومي الموريتاني ثلاثة مليارات دولار بينما وصل دخل الفرد سنويا 975 دولار منخفضا عن الدول المجاورة حيث وصل هذا المؤشر في سينغال 1017.97 دولار في نفس السنة.
هذه الوضعية جعلت موريتانيا تصنف ضمن لا ئحة الدول الأقل تقدما و الأفقى في العالم Least Developed Member Country وهي الدول التي حققت نتائج هزيلة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع انخفاض كبير في مؤشر التنمية البشرية.
الفترة ما بين 2004 – 2008 شهد الاقتصاد الموريتاني تحسن ملحوظا مسجلا معدل نمو 5.5% وقد ساهم في هذا التحسن تطوير في أداء الإدارة ، اصلالحات بنيوية إضافة إلي ارتفاع الانتاج النفطي سنة 2006 .
كان للسياسات المالية التي انتهجها البنك المركزي في تلك الفترة نتائج إيجابية حيث انخفض معدل التضخم من 16.1% في أواخر سنة 2004 إلي 7.3% سنة 2008.
شملت الإصلاحات الهيكلية التي شهدتها الفترة 2004 – 2008 تطوير قانون المشتريات العامة إضافة إلي تعزيز إستقلالية البنك المركزي.
2008 -2010 عرف الاقتصاد الموريتاني إنتكاسة قوية كان للإنقلاب العسكري الذي قاده الجنرال محمد ولد عبد العزيز الدور الأهم فيها، شهدت العلاقات الموريتانية بالمؤسسات الدولية البنك الدولي وصندوق النقد الدولي توترا كبيرا إضافة إلى توقف إتفاقية الصيد مع الاتحاد الأوربي.
خلال هذه المرحلة سجلت معدل النمو المستهدف من خلال برنامج البنك الإسلامي للتنمية تحت Poverty Reduction Strategy Paper II 3.7% وهو بعيد كل البعد من توقعات البنك التي استهدفت معدل نمو 9.4%.
إرتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية عالميا إنقلاب الجنرال محمد ولد عبد العزيز داخليا شكلا ضغط كبيرا على اقتصاد الدولة وأورثها الكثيرمن الضعف والتخلف حيث وصل العجز في ميزان المدفوعات 15.5%.
زادت وضعية الاقتصاد سوءا بعد أن أوقفت المؤسسات المالية الدولية برامجها احتجاجا على الانقلاب العسكري على السلطة المدنية المنتخبة، فتوقف برنامج مكافحة الفقر الممول من طرف صندوق النقد الدولي، وتوقف أيضا مشروع دعم التنمية الممول من البنك الدولي فيما شهدت قطاعات المعادن ، الصيد البحري، والأشغال العامة تدهورا خطيرا انعكس سلبيا على حياة الناس.
يشير التقريرإلى أن موريتانيا تستورد 70% من استهلاكها الغذائي وهذا ما جعلها عرضة لهزات اقتصادية قوية كلما ارتفعت أسعار المحروقات او المواد الغذائية عالميا. في سنة 2004 بلغت نسبة الانفاق على الغذاء نسبة 51.9% من مجموع النفقات العامة للدولة فيما ارتفعت هذه النسبة لتصل 57.8% سنة 2008.
وفي محاولة من حكومة الانقلاب لتخفيف الوضع الاقتصادي المنهار قامت بإطلاق برنامج Social Intervention Program (SIP) بتغطية مالية بلغت 194.2 مليون دولار من خزينة الدولة وهو ما يشكل 15% من مجموع نفقات الدولة وسبب هذا الاقتطاع ارتفاع نسبة العجز العام ب 1%، البرنامج يطلق عليه محليا “برنامج أمل”.
علي الرغم من أن هذا البرنامج جاء لتخفيف الاحتقان داخل الطبقات الفقيرة التي وجدت نفسها في ضياع تام فإن التقرير أكد أن نتائج برنامج “أمل” أكتنفه الكثير من الغموض وضبابية النتائج .
فيما يتعلق بمكافحة الفقر فقد انخفضت نسبة الفقر في الفترة من 2004 – 2008 لكن لا تزال قطاعات واسعة من الشعب تعيش تحت خط الفقر خاصة في المناطق الريفية حيث يظهر جليا الاهمال الحكومي لهذه المنطاق ، فالتعليم يقتصر علي المستوى الابتدائي فيما تشهد الخدمات الصحية غيابا شبه تام في هذه المناطق.
انخفضت نسبة الفقر من 47.6% سنة 2004 إلى 42% سنة 2008 ، نسبة السكان الذين يعشون تحت خط الفقر ارتفع من 39.1% 2004 إلى 40.8% سنة 2008 تدهور الوضع السياسي الداخلي حد من تقدم برنامج مكافحة الفقر.
تشير معلومات التقريرإلى أن المناطق الزراعية والرعوية هي الأكثر تأثرا من آفة الفقر وذلك في غياب دعم حكومي لهذه المناطق التي تشهد كثافة سكانية كبيرة. …
يتواصل ..