الباحث محفوظ ولد حدمين
المقصود بمظاهر السطح التعرف على المعالم الطبيعية من جبال هضاب – سهول – بحيرات – منخفضات – أنهار في تلك المنطقة. وتكمن اهمية مظاهر السطح والمناخ في مدى ملاءمتها للسياسات التنموية والأقتصادية من شق للطرق والبنية التحتية… وتسيير معقلن للموارد الطبيعية المتوفرة، هذه الأخيرة التي يتحكم فيها بشكل كبير مناخ المنطقة. وهذا ما سنبينه من خلال هذه المساهمة المتواضعة.
1 -الموقع الفلكي والجغرافي
تقع منطقة الدراسة – مقاطعة تمبدغة – فلكيا بين دائرتي عرض (40.15° و20.166°) شمالا، وخطي طول (8°- 9°) غربا، توجد في النطاق الغربي من ولاية الحوض الشرقي.
أما موقعها الجغرافي فمن الجنوب مالي والجنوب الغربي مقاطعة جكني ومن الشمال الغربي ولاية الحوض الغربي ومن الشمال الشرقي مقاطعة ولاتة ومن الناحية الشرقية مقاطعة النعمة عاصمة الولاية، ومن الجنوب الشرقي مقاطعة أمرج. وتبلغ مساحة المقاطعة 9100كلم² وهو ما يمثل 4.82% من مساحة الولاية التي تبلغ 182700كلم² وتمتد مساحة المقاطعة على مسافة 80 كلم من الشرق إلى الغرب و140 كلم من الشمال إلى الجنوب ، وهي محددة بموقعها في المنطقة FUSEAUX 29 كما في التحديد العالمي والذي يشار إليه بالرمز الكرتوغرافي (NE 29IV) .
يقصد بالموقع الجغرافي موقع المنطقة المدروسة بالنسبة للمناطق والمساحات المجاورة لها، وأهمية هذا الموقع بالنسبة لها، وتعتبر هذه المنطقة امتداد لمساحة عارية كبيرة، هي الصحراء الكبرى التي تمثل أكبر اتساع للأراضي الجافة وشبه الجافة في العالم، وتتميز بارتفاع درجات الحرارة وسيادة ظروف الجفاف .
كما يعد الموقع الجغرافي في كثير من الحالات أهم من الموقع الفلكي في تحديد المناخ وتعيين النبات وما يتبع هذا وذاك من اختلافات كبيرة، وموقع المكان بالنسبة لدائرة العرض هو الذي يحدد نوع المناخ وبالتالي يحدد نوع النبات و توزيعه وطابعه ومزاجه وخاصة إذا لم يتمكن الإنسان من تسييره وتخفيف تأثير بعض العوامل والظروف الطبيعية الأخرى على المجال .
وتتكون المقاطعة إداريا من خمس بلديات هما بلدية حاسي امهادي وبلدية أطويل وبلدية الصحبي (كومبي صالح) وبلدية بوصطيلة وبلدية تمبدغة المدينة، يضاف إلى ذلك مركز بوصطيلة الإداري. وتتميز المقاطعة بموقعها الحدودي مع جمهورية مالي المجاورة مما يجعلها ذات نشاط تجاري مهما جدا. ويشقها اهم محور طرقي في البلاد وهو طريق الأمل.
2- البنية الجيولوجية
توجد منطقة الدراسة في ولاية الحوض الشرقي التي تمثل النهاية الجنوبية الشرقية لإقليم جنوب شرق موريتانيا، الذي يدخل بتكويناته ضمن حوض تاودني. ورغم قلة البيانات المفصلة والمعلومات الجيولوجية عن المنطقة، وبالاعتماد على المعلومات المتاحة سنتناول البنية الجيولوجية من خلال دراسة الحركات البنيوية والتطبق.
1- 2-1-الحركات البنيوية (التكتونية)
تعني هذه الحركات، الحركات التكتونية التي تتعرض لها القشرة الأرضية وما ينتابها من التشوهات، فمنطقة الدراسة شهدت حركات انكسارية خفيفة فيما بين الديفوني والأوردوفيسى، وقد تأصلت عن هذه الحركات اندساسات الديوريت والدولوريت، والتي هي عبارة عن صخور اندفاعية تظهر هنا في شكل دكات مندسة ضمن طبقات الصخور . وقد تتطور إلى عدة أشكال متداخلة، فيها عروق صغيرة الحجم والامتداد. ويمثلها في الغرب تلال الكركار وبوطبول وفي الشمال تل ديدقلي. وقد تظهر في شكل سدود أفقية متقاطعة كما هو عليه الحال في التجال (3 كلم شمال مدينة تمبدغة).
يتكون الديوريت من الكوارتر والأنفول والبلاجيو كلاس، ويشار إلى أن الدولوريت صخر قاعدي بنسبة 400-50% من السلس، وأن الديوريت صخر متوسط التركيب 50-60%. والجدول (1) يبين التركيب الكيميائي لصخر الديولوريت
2-2- التطبق والصخارة
ستراتوغرافيا هو العلم الذي يدرس تعاقب الطبقات الجيولوجية التي تكون القشرة الأرضية، أما الصخارة فهي دراسة الصخور لمعرفة طبيعتها ومدى مقاومتها للتعرية.
تظهر في منطقة الدراسة الصخور الحثية ناحية ولاتة والنعمة، التي تعتبر امتدادا للحث الذي أصبح يعرف بحت ولاتة، وتظهر هذه السحنات في شكل حبيبات رملية متوسطة الأحجام وملتحمة بلياط منحدد، وترتفع فيها نسبة المغنسيوم. وتظهر هذه الطبقات حيث المحدبات الضيقة التي تتوسط المركب المقعري للحوض، وتظهر هذه المحدبات في اتجاه شمال شرقي إلى جنوب غربي في حدود ولاية الحوض الغربي .
أما فيما يخص الصخارة وعوامل التسوية المرتبطة ببنيتها فإن منطقة الدراسة تشتمل على أنواع من الصخور خاصة الرسوبية والتي يرتبط تصنيفها بجملة من العوامل تتحدد في هذه الحالة بإمكانية الشروط البيئية التي يتحكم تواجدها فيها والتي تكون موافقة لها ومن أهم الصخور:
أ- صخور اليشب: ترجع هذه الصخور في تكوينها إلى الكامبري والأوروفيشي الأدنى وبالتحديد إلى الديفوني الأسفل، وتدخل ضمن الصخور الرسوبية السلسية، فهي تحدث فيها عمليات التسليس خلال التصخر بحيث تصل فيها نسبة التسليس ما بين (90ـ95%) ، وتتواجد هذه الصخور في الشمال والغرب من تمبدغة المدينة.
ب- صخر البليت: هو مركب ذو لون أخضر كتوم ضعيف النفاذية، يوجد في عمق 200م يحتوي على مواد الشست، الطين الغضاري، والحث ذو الحبيبات الدقيقة، يعود في نشأته إلى الزمن الثاني. وتوجد توضعاته في المننخفضات جنوب شرق قرية ادخين (30كلم جنوب غرب تمبدعة) وفي لقويرقة ،ويتواجد في الشمال حول رق البدع وفي الجنوب من تيارت أم كفة وبوصطيل.
ج- المجموعة الطينية: تنتمي هذه المجموعة إلى تكوينات ظهر النعمة. وهي تكوينات يغلب عليها الطفل وكثيرا ما تكون ذات مظهر حديدي مغبرة حينما تكون مكشوفة، وتتعدد الألوان التي تأخذها نتيجة للتحلل الكيميائي للبليت، ويعود تفسخها إلى القاري الأوسط. وتترواح سماكتها ما بين 400ـ 1000م، ويوجد هذا التكوين في جنوب وجنوب شرقي ينكي الزمال وبوصطيل.
هذا إضافة إلى الصخور السابقة تشكلات أخرى تتمثل في رواسب الرباعي ممثلة في غطاءات رملية ومواد طينية متخلفة إثر عمليات التفسخ والتصويل، التي تتحول إثر الظروف الدينامية إلى كثبان رملية .
3- مظاهر السطح
تعتبر تضاريس منطقة الدراسة (مقاطعة تمبدغة) متجانسة، فهي على العموم منبسطة ومستوية، لكن هذا الاستواء لا ينفي إمكانية تقسيم مظاهر سطحها إلى وحدات طبوغرافية.
3-1- التضاريس الكثيبية
تتمثل في تلال رملية تأخذ شكل الرموز الخطية وتوازي اتجاه الرياح، وقد تتكون نتيجة الدوامات الطولية الحلزونية من التدفق الهوائي , ومن مميزات هذه التضاريس (كثبان السيف) طولها يفوق عرضها كثيرا، وينحدر في اتجاهين متضادين، تنتشر هذا التضاريس في الجنوب والجنوب الغربي في المقاطعة، وتمثلها سيف “جيدحوز” الذي تبلغ مساحته 500م2 الواقع على بعد 17كلم غرب المدينة تمبدغة، وفي الجنوب توجد “سيوف القلبة” شمال غرب بوصطيل.
3-2-السهول
عبارة عن منطقة مستوية السطح قليلة التضرس واسعة الامتداد، جاء اسمها من البساطة والانبساط. وتعتبر سهول المنطقة من السهول الداخلية ونعني بالسهول الداخلية المناطق المستوية الواقعة في الداخل بعيدة عن البحار . فمنطقة الدراسة تجتاح الجزء الأكبر من مساحتها السهول، خاصة في الجنوب والجنوب الغربي والغرب، وهي تعتبر آخر مرحلة من مراحل الدورة التعروية. إلا أننا يمكننا القول بما شاهدنا -حسب زيارة ميدانية متعددة لعدة أماكن من منطقة الدراسة- أن نحكم بما يقال سابقا بأن المنطقة عبارة عن سهل تحاتي شديد التعرية. بحيث توجد فيه عدة أشكال جيومورفولوجية ناتجة عن الديناميات الهوائية والتحريك المحلي مثل السيوف كما تعرفنا عليهم سابقا والعلاب والنباك، وتعتبر هذه الكثبان مسطحة ذات سفوح خفيفة وتعتبر مجالا لرعي الإبل والأغنام خلال موسم الأمطار.
3-3- مجموعة التلال والأكمات
التل هو مرتفع يقع في قلب مناطق سهلية، وله رأس حاد ويشرف على المناطق المحاذية بانحدارات واضحة. أما الأكمة الشاهدة هي هضبة مستوية السطح في أحضان سهول مستوية منحدرة الجوانب، ولكن ارتفاعها غالبا ما يكون تدريجيا ، وهذا النوع قليل الانتشار في المنطقة إذا ما استثنينا الوحدات التالية:
• الكركار: وهو تل مخروطي الشكل يشرف على منخفضات واسعة تقع إلى الغرب منه والشمال والجنوب ممثلة في تاطرارت شمالا والقريفات جنوبا وغربا ومكونا بذلك منخفض قطع تمب ، وهذا التل يقع غرب مقاطعة تمبدغة على بعد 10كلم على طريق الأمل ويصل ارتفاعه إلى حوالي 25م ومساحة تشغل 200م2 .
• بوطبول: وهو شبه هضبة مستوية السطح يقع على بعد 17كلم من تمبدغة يصل ارتفاعه 177م وتوجد إلى الشرق منه منخفضات صخرية تعرف باسم أحجار القريفات .
أما من الغرب تنتهي بتجالة بوظباع التي تنتشر على مساحة أكبر من سابقتها إلا أنها تعتبر أكثر استواء ويصل ارتفاعها ما بين 13-15 م وتنتهي من الغرب بمنخفض بوظباع، هذا الاخير الذي تتجمع به كميات كبيرة من المياه في فصل الخريف لا تنضب إلا مع حلول ديسمبر احيانا، ويوردها عددا معتبرا من الثروة الحيوانية. أما التجال وملحقاته وديدقلي وعرام فهو ينتشر على مساحة 48كلم2 من شمال المقاطعة على بعد 3كلم (حدة الجنوبي).
1-3-4-الرقوق
الرق عبارة عن مفتتات صخرية مختلفة الأحجام وغالبا ما تغطيها أو تختلط معها تكوينات سطحية دقيقة، سمكها يقدر ب 1م، وفي العادة من الحصى أو الحصباء تختلف سماكتها من منطقة لأخرى. وتكوينات الرق غير منقولة مما يجعل حجمها خشنا، فهي مفتتة من الصخر الأم . ويوجد هذا النوع في شمال المنطقة ممتدا من شمال الشمال الشرقي إلى غرب جنوب غربي، هذا بالتوازي مع مجموعة كثبان “آوكار” التي تعتبر امتدادا لآوكار الحوض، فهي تبدو رمالها على شكل حقول واسعة عجيبة الانتظام ذات لون مائل إلى البياض يتراوح ارتفاعها ما بين 70- 80م وتفصل بينها نطاقات تعرف “بالشكات” يبلغ سمكها 30م، وتنتشر هذه الرمال في الشمال حيث تنشط الديناميات الريحية والتصحر مما يؤدي إلى تدهور وندرة الموارد المائية .
إضافة إلى المجموعات السابقة توجد النباك ولعلاب والمنخفضات والمسيلات، خاصة وأن الأخيرين لهما دورا كبيرا في توجد الموارد الطبيعية سواء تعلق ذلك بالمياه أو الغطاء النباتي وتعتبر مجالا لرعي الأبقار خلال موسم الأمطار
4- المناخ وعناصره
يعرف المناخ بأنه الصورة الإجمالية التي تعبر عن الأحوال الجوية السائدة في مكان ما وفي فترة زمنية طويلة تأخذ طابع الديمومة والاستمرار، وتظهر بعض الدراسات البيومناخية أن مختلف البيئات شهدت خلال تاريخها تغيرات مناخية ظهرت من خلال تعاقب فترات جافة وأخرى رطبة، مما أدى إلى تشكيل مناطق صحراوية، التي تعتبر منطقة الدراسة من ضمنها، تلك المنطقة -مقاطعة تمبدغة- التي تفتقد لمحطة الرصد الجوي، إذا ما استثنينا مقياس للمطر الذي يعطي نتائج غير دقيقة،غالبا. وبهذه العوامل سندرس عناصر المناخ من خلال متوسط معطيات كل من محطتي النعمة ولعيون، استنادا على كونهما متشابهتان في الظروف المناخية، نتيجة موقعهما ضمن المنطقة الحارة- من البيئات الجافة وشبه الجافة – التي تقع على الخط الحراري الذي يتجه من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي مرورا بالنعمة لعيون كيفه . وبهذا سندرس كل عنصر من عناصر المناخ على حدة وتأثيره على الموارد الطبيعية في المنطقة.
-1- الحرارة
الحرارة هي الطاقة الكامنة في جزئيات الجسم. وهي أيضا الأثر الذي ينتج عن الأشعة الشمسية وبالأخص الحرارية التي تزود الهواء الجوي بالحرارة اللازمة. أما درجة الحرارة فتعني الحالة التي تتوقف على معدل الطاقة الموجودة في الجزء الواحد من الجسم ، وتتميز منطقة الدراسة بارتفاع معدلات درجة الحرارة إذ تصل متوسطها السنوي إلى 37,5° خلال الفترة مابين 1987 -2005، ويعود هذا الارتفاع الملحوظ لدرجات الحرارة إلى غياب مؤثرات طبيعية تعدل من هذا الارتفاع، نظرا لبعد المنطقة عن المؤثرات البحرية التي تلطف درجات الحرارة. فدرجة الحرارة في المنطقة تسجل قيمتين الأولى في شهر يونيو حوالي 41,5°، بينما تسجل الثانية بعد انتهاء الفصل الممطر في شهر أكتوبر حوالي 39,9°، وذلك يتضح من المدى الحراري فإذا نظرنا إلى المديات الحرارية نجد أعلى مدى حراري 15,56 عام 1995، وأدنى مدى 11,3 سنة 1996.
أما تأثير الحرارة على الموارد الطبيعية فهي تعتبر من العوامل المناخية المهمة في نمو النباتات والحيوانات على سطح الأرض, ولا تقل أهميتها عن الماء فهي تؤثر على العمليات الفسيولوجية الحيوية، فهي تعتبر عاملا حاسما في تحديد الموارد النباتية على سطح الأرض، وتقوم بعملية تفكيك الصخور خاصة إذا كانت هشة ورمادية وبالتالي تؤثر على التربة، هذا إضافة إلى أنها تزيد من تبخر الماء من التربة والنتح.
1-4-2- التبخر
يعرف التبخر بأنه تحول الماء من الصخور السائلة إلى الحالة الغازية في ظروف الحرارة العادية كما يراد بالتبخر كمية الماء التي انطلقت وتبخرت من سطح الأرض ورجعت إلى الجو . وباختصار التبخر هو تحول الماء إلى بخار. وتتميز منطقة الدراسة بارتفاع كميات التبخر. خاصة خلال شهور (مارس ابريل ومايو) هذا إذا نظرنا إلى الجدول من (1991ـ 2005) فكانت الكميات تصل على التوالي (398,2، 416,5، 420مم)، وذلك عائد إلى خلو السطح من النباتات.
أما في باقي السنة فإن التبخر يتسم بالانخفاض، وعلى العموم فإن أكبر كمية تبخرت مابين (1991ـ 20055) هي 603,3مم في أبريل من عام 1991، أما أخفض كمية قدرها 154,4مم خلال شهر أغسطس عام 2003، وذلك عائد إلى تواجد السحب في السماء مما يقلل من التبخر. وعلى العموم فإن الارتفاع الملحوظ لكميات التبخر في المنطقة كان له أثره الواضح على الموارد النباتية من خلال تحقيقه لها عن طريق عملية النتح، مما ينعكس سلبا على مورد التربة وجعلها قابلة للتفكك والتذرية وسهولة حملها ونقلها عن طريق الرياح . والجدول (3) يوضح كميات التبخر في المنطقة.
1-4-3- الرياح
تعرف الرياح بأنها عبارة عن تيارات هوائية أفقية, وتنشط حركة الرياح في المناطق الاستوائية ، وتهب على المنطقة الرياح من عدة جهات إلا أن أغلبها النوعين التاليين:
أ-الرياح التجارية القارية الهرمتان: وتعرف محليا باريفي او اسويحلية وهي متأتية من الضغوط المرتفعة التي تسود منطقة المغرب العربي في الشتاء والبحر الأبيض المتوسط صيفا , وهي شديدة الجفاف ساخنة أثناء النهار وباردة أثناء الليل, ويصل عدد الأيام التي تهب فيها الرياح المحملة بالأتربة في المتوسط 35 يوما/سنويا وهي تبدأ في الوصول إلى المنطقة من أكتوبر حتى يونيو.
ب- الرياح الموسمية : والتي من ميزاتها الدفء والحمولة الكبيرة من بخار الماء نظرا لكونها قادمة من المنطقة الدافئة من المحيط الأطلسي (جزيرة سنتلان) وتعتبر المصدر الأساسي للأمطار, وهي تتوغل بعيدا في أكثر الحالات .
أما تأثير الرياح على الموارد الطبيعية فهو يتبع خاصية نظامها وسرعتها وقوتها وتعتبر الرياح فاعلة عندما تصل سرعتها 4م/ثا خاصة إذا كانت الرياح التجارية القارية التي تتمكن من حمل الرمال التي تتراوح أقطار حبيباتها ما ذإضافة إلى تجريفها للتربة فضلا عن اكتساحها للغطاء النباتي وهدم بذوره وتراكم طبقات من الرمال حتى تصل مستوى لا يمكن معه الإنبات وتعمل كذلك على تغيير خصائص التربة بحيث تتحول تربات الأودية والمنخفضات من تربات طينية إلى كثبان رملية معدنية صرفة كما تعمل على نقل بذور النباتات الصحراوية خاصة التي لها صفة البذور الطيارة مثل نبتة انتورجة .
1-3-4- الأمطار
تعرف الأمطار بأنها هي نزول أو هبوط الجزيئات السائلة والصلبة من الماء من الغلاف الجوي نحو الأرض, وتتميز منطقة الدراسة خلال الفترة من 1980ـ 2005 بالتناقص والانخفاض العام, فبالنظر إلى منحنى الأمطار نلاحظ مدى التذبذب من سنة إلى أخرى ومن شهر إلى آخر وهذا ما له تأثير واضح على الموارد الطبيعية, خاصة النباتات النجيلية, وعموما فإن مناخ المنطقة يتذبذب بين المناخ الساحلي والمناخ الصحراوي . ومن هنا يتميز المناخ في المنطقة بتعاقب ثلاثة فصول مختلفة السمات.
أ- الفصل الجاف والبارد نسبيا: ويبدأ من شهر نوفمبر حتى فبراير
ب- الفصل الجاف والحار: ويبدأ من مارس وحتى مايو وهو فصل الصيف
ج- الفصل الممطر والمعتدل نسبيا: ويبدأ من شهر يونيو وحتى أكتوبر, ويتميز هذا الأخير بأن أمطاره مرتبطة بهجرة الجبهة البيمدارية إلى الشمال, وبالتالي تتأثر الأمطار بكل ما حدث على تلك الجبهة, فالأمطار تناقص بالاتجاه شمالا في الفصل الحار والرطب والعكس يحدث من الفصل الجاف والبارد, وإذا نظرنا إلى الجدول (4) الذي يبين كميات الأمطار فإننا تلاحظ أقل كمية أمطار سقطت سنة 1983م كانت 100مم رغم أننا لم نعرف عدد الأيام الممطرة, بينما وصلت كمية الأمطار 231مم/سنويا خلال 15 يوما عام 1988م و463مم خلال 23 يوما سنة 1995م وفي سنة 2005 وصلت الأمطار 513مم خلال 28 يوما .
وتتسم الأمطار في هذه المنطقة بالفجائية والعنفوانية فهي تشيد السيول إثر تعمقها الرأسي في التشكيلات والفجوة مانحة ما يعرف محليا ب “أجار” فتعمل على جرف التربات والأرصدة الرسوبية مؤدية إلى الكشف عن جذور النباتات فتساهم في سقوطها وهلاكها لاحقا.
إضافة إلى ذلك فإنها تلعب دورا مهما في زيادة المخزون الجوفي أو في ما يتعلق بالمياه الجوفية السطحية عن طريق السرب حين تستقر في منخفضات مكونة مجاري ظرفية (ظايات).
4-5- الرطوبة النسبية
تعتبر الرطوبة النسبية هي النسبة المئوية لمقدار بخار الماء الموجود في الهواء عند درجة حرارة معينة إلى مقدار ما يستطيع هذا الهواء حمله . فالرطوبة تلعب دورا أساسيا في تكوين السحب ومظاهر التساقط المختلفة, إلا أنه نظرا لموقع المقاطعة القاري وطول الفصل الحار أصبحت الرطوبة ضعيفة إن لم نقل معدومة باستثناء فترة الفصل الممطر. ومن المعطيات التي تحصلنا عليها من محطة الأرصاد الجوي في انواكشوط تناولنا الرطوبة النسبية القصوى والرطوبة النسبية الدنيا حيث وصلت الرطوبة القصوى 84% م أغشت من عام 1994 بينما كانت أقل رطوبة نسبية قصوى شهرية هي 20% من ابريل من نفس السنة أما إذا نظرنا إلى الجدول (5) من 1992ـ 2005 فأن معدل الرطوبة القصوى ما بين 25% في ابريل و79% في شهر أغشت بينما كانت الرطوبة النسبية الدنيا محصورة ما بين 9% في ابريل إلى 39% في أغشت, ويمكن متابعة ذلك في المنحنى ومن المعطيات السابقة يمكن القول بأن الرطوبة تلعب دورا أساسيا في وجود الموارد الطبيعية وخاصة النباتات التي تتكاثر في الفصل الذي تصل فيه الرطوبة إلى أقصى مدى لها.
إضافة إلى العناصر المناخية السابقة عنصري الضوء والضغط الجوي اللذان يلعبان دورا أساسيا في الموارد الطبيعية وخاصة تدخل الضوء في عملية البناء الضوئي.
1-6- الجفاف
وهو انحباس الأمطار أو نقصها. فالتذبذبات الفصلية للأمطار تعطي أحيانا سلسلة من العجز مثل ما هو الشأن في 1973ـ 1976م وقد تسبب تراكم أثر هذه السنوات في سيادة جفاف ذي تأثيرات مفجعة في المنطقة وكان منها:
– انخفاض مستوى المياه الجوفية ونضوب بعض الآبار سواء منها محاور الرعي
– اختفاء أو تدهور انبساط العشبي الدائم أو الشجيري
– تعرية التربة وتواتر الرياح الرملية
– اختلاف التوازن الإيكولوجي
– نقص الموارد الاقتصادية (الصمغ العربي…)
وتعتبر الزراعة أكثر الأنشطة الريفية تأثيرا بالجفاف وتجلت أهم تأثيراته في تراجع المساحات الزراعية وهجرة أغلب المزارعين نحو المدن وتناقص كبير في الإنتاج الريفي. هذا الأخير الذي يعتبر حجر الزاوية في النشاط الاقتصادي في المنطقة.
وفي الختام تعد البيئة الطبيعية (مظاهر السطح والمناخ) في مقاطعة تمبدغة مناسبة لقيام بعض المشاريع التنموية خاصة فيما يتعلق بالزراعة المطرية والزراعة خلف السدود. كما يمكن إنشاء مجموعة من البرك المائية الاصطناعية في بعض المناطق ذات المخزون الحيواني الكبير التي تعاني بشكل كبير من نقص في المنخفضات الموسمية.